فصل: وفاة زياد.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.وفاة زياد.

ثم مات زياد في رمضان ثلاث وخمسين بطاعون أصابه في يمينه يقال بدعوة ابن عمر وذلك أن زيادا كتب إلى معاوية إني ضبت العراق بشمالي ويميني فارغة فاشغلها بالحجاز فكتب له عهده بذلك وخاف أهل الحجاز وأتوا عبد الله بن عمر يدعوهم الله أن يكفيهم ذلك فاستقبل القبلة ودعا معهم وكان من دعائه: اللهم اكفناه ثم كان الطاعون فأصيب في يمينه فأشير عليه بقطعها فاستدعى شريحا القاضي فاستشاره فقال إن يكن الأجل فرغ فتلقى الله أجذم كراهية في لقائه وإلا فتعيش أقطع ويعير ولدك فقال: لا أبيت والطاعون في لحاف واحد واعتزم على قطعها فلما نظر إلى النار والمكاوي جزع وتركه وقيل تركه لإشارة شريح وعذل الناس شريحا في ذلك فقال: المستشار مؤتمن ولما حضرته الوفاة قال له ابنه: قد هيأت لكفنك ستين ثوبا فقال: يابني قددنا لأبيك خير من لباسه ثم مات ودفن بالتوسة قرب الكوفة وكان يلبس القميص ويرقعه ولما مات استخلف على الكوفة عبد الله بن خالد بن أسيد وكان خليفته على البصرة عبد الله بن عمر بن غيلان وعزل بعد ذلك عبد الله بن خالد عن الكوفة وولى عليها الضحاك بن قيس.

.ولاية عبيد الله بن زياد على خراسان ثم على البصرة.

ولما قدم ابنه عبيد الله على معاوية وهو ابن خمسين وعشرين سنة قال: من استعمل أبوك على المصرين؟ فأخبره فقال: لو استعملك لاستعملتك فقال عبيد الله: أنشدك الله أن تقول لي أحد بعدك لو استعملك أبوك وعمك استعملتك فولاه خراسان ووصاه فكان من وصيته: إتق الله ولا تؤثرن على تقواه شيئا فإن في تقواه عوضا وق عرضك من أن تدنسه وإن أعطيت عهدا فأزف به ولا تتبعن كثيرا بقليل ولا يخرجن منك أمر حتى تبرمه فإذا خرج فلا يردن عليك وإذا لقيت عوك فكبر أكبر من معك وقاسمهم على كتاب الله ولا تطمعن أحدا في غير حقه ولا تؤيسن أحدا من حق هو له ثم ودعه فسار إلى خراسان أولرسنة أربع وخمسين وقدم إليها أسلم بن زرعة الكلابي ثم قدم فقطع النهر إلى جبال بخارى على الإبل ففتح رامين ونسف وسكند ولقيه الترك فهزمهم وكان مع ملكهم امرأته خاتون فأعجلوها عن لبس خفيها فأصاب المسلمون أحدهما وقوم بمائتي ألف درهم وكان عبيد الله ذلك اليوم يحمل عليهم وهو يطعن حتى يغيب عن أصحابه ثم يرفع رايته تقطر دما وكان هذا الزحف من زحوف خراسان المعدودة وكانت أربعة منها للأحنف بن قيس بقهستان والمرعات وزحف لعبد الله بن حازم قضى فيه حموع فاران وأقام عبيد الله واليا على خراسان سنتين وولاه معاوية سنة خمس وخمسين على البصرة وذلك أن ابن غيلان خطب وهو أمير على البصرة فحصبه رجل من بني ضبة فقطع يده فأتاه بنو ضبة يسألونه الكتاب إلى معاوية بالاعتذار عنه وأنه قطع على أمر لم يصح مخافة أن يعاقبهم جميعا فكتب لهم وسار ابن غيلان إلى معاوية رأس السنة وأوفاه الضبيون بالكتاب فادعوا أن ابن غيلان قطع صاحبهم ظلما فلما قرأ معاوية الكتاب قال: أما القود من عمالي فلا سبيل إليه ولكن أدي صاحبكم من بيت المال وعزل عبد الله بن غيلان عن البصرة واستعمل عليها عبيد الله بن زياد فسار إليها عبيد الله وولى على خراسان أسلم بن زرعة الكلابي فلم يغز ولم يفتح.

.العهد ليزيد.

ذكر الطبري بسنده قال: قدم المغيرة على معاوية فشكا إليه الضعف فاستعفاه فأعفاه وأراد أن يولي سعيد بن العاص وقال أصحاب المغيرة للمغيرة: إن معاوية قلاك فقال له: رويدا ونهض إلى يزيد وعرض له بالبيعة وقال ذهب أعيان الصحابة وكبراء قريش ورادوا أسنانهم وإنما بقي أبناؤهم وأنت من أفضلهم وأحسنهم رأيا وسياسة وما أدري ما يمنع أمير المؤمنين من العهد لك فأدى ذلك يزيد إلى أبيه واستدعاه وفاوضه في ذلك فقال: قد رأيت ما كان من الاختلاف وسفك الدماء بعد عثمان وفي يزيد منك خلف فاعهد له يكون كهفا للناس بعدك فلا تكون فتنة ولا يسفك دم وأنا أكفيك الكوفة ويكفيك ابن زياد البصرة فرد معاوية المغيرة إلى الكوفة وأمره أن يعمل في بيعة يزيد فقدم الكوفة وذاكر من يرجع إليه من شيعة بني أمية فأجابوه وأوفد منهم جماعة مع ابنه موسى فدعاه إلى عقد البيعة ليزيد فقال: أوقد رضيتموه؟ قالوا: نعم! نحن ومن وراءنا فقال: ننظر ما قدمتم له ويقضي الله أمره والأناة خير من العجلة ثم كتب إلى زياد يستنيره بفكر وكف عن هدم دار سعيد وكتب سعيد إلى معاوية يعذله في إدخال الظعينة بين قرابته ويقول لو لم تكن بني أب واحد لكانت قرابتنا ما جمعنا الله عليه من نصرة الخليفة المظلوم يجب عليك أن تدعي ذلك فاعتذر له معاوية وتنصل وقدم سعيد عليه وسأله عن مروان فأثنى خيرا فلما كان سنة سبع وخمسين عزل مروان وو لى مكانه الوليد بن عتيبة بن أبي سفيان وقيل سنة ثمان.